عرب الصقر تقدم منسفا أقرعا

عرب الصقر تقدم منسفا أقرعا


كانت عشائر عرب الصقر تفرض هيمنة على شمال فلسطين طيلة القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحتى سقوط الخلافة العثمانية. وكانت تفرض الخاوة على كافة القرى والعشائر ما بين النهر والبحر حتى رموز الدولة العثمانية كانت تدفع أتاوات الطرق، فهذا باشا حلب تعترض موكبه فرسان الصقر عندما عزم المرور الى القدس ورفضت السماح له بالمرور مالم يدفع الخاوة. هكذا متعارف عليها وهي مبالغ تفرضها القبائل ذات الشوكة على القبائل والقرى الأقل شوكة أو الضعيفة لقاء حمايتهم من أي غزو أو تدخل خارجي وأن تلك المناطق محرمة على أي نفوذ آخر.

ورفض حكام جبل نابلس دفع الخاوة للصقر على مرور خمس سنوات وكانت الحرب سجالا بين جبل نابلس بزعامة إبن ماضي وإبراهيم الجرار وعشائر عرب الصقر بزعامة الأمير إرشيد الجبر الى أن هاجمت فرسان الصقر حلف جبل نابلس في معقلهم في قلعة صانور التي تحصنوا بها فقتل إبراهيم الجرار وإبن ماضي واستكان جبل نابلس دفع الخاوة لخمس سنوات بأثر رجعي. جاء ذلك في كتابي عشائر عرب الصقر إبان الحكم العثماني نقلا عن مخطوطة الصباغ المحفوظة في باريس ونسخة ميكروفيلم منها في مكتبة الجامعة الأردنية.

ورفضت عشائر التركمان دفع الخاوة للصقر بعد أن دفعتها لأكثر من مئة عام، وهي حلف من العشائر العربية وأسر تركمانية كانوا ضباطا في صفوف أحمد باشا الجزار إنسلخوا عنه. وفي العقد الأول من القرن العشرين تمرد التركمان رافضين دفع الخاوة وكان زعيمهم الشقيري يقيمون نواحي حيفا، فحدثت القصة الواقعية التالية الواردة في كتابي المشار اليه أعلاه حيث أن:

الأمير عبد الله الحسين الفياض الصقري, الذي عاش النصف الثاني من القرن التاسع عشر والمتوفي عام 1927م, هو أحد رجالات عرب الصقر البارزين, وأمير من أمرائها المعتبرين, مقدماً لدى الأتراك. ثمّ الإنجليز, جميع بلاد حارثة في حوزته, وجميع أبناء عرب الصقر, سواء أولئك النازلين في بلاد حارثة, أو في غور بيسان, يجلونه ويحترمونه. اصدر الأمير تعميما،ً يقضي بمنع عرب التركمان، طحن حبوبهم في طواحين العاصي ، في الساخنة, بعد امتناعهم عن دفع الخاوة فخاف التركمان على ارواحهم, إذا دخلوا أرض الصقر, واجتمعوا الى زعيمهم الشقيري, فقال الشقيري: حملوا الحبوب, وأنا سأطحن بنفسي,فوصل خبر الشقيري الى الأمير عبد الله لحسين, وكان ضارباً منازله في سهول قوميه, وقال لرجالاته: اعترضوا الشقيري, وادعوه لتناول العشاء في منزلي. وبيت أمير الصقر النية لقتل الشقيري, فجهز له منسفاً مليئاً باللحم, غطاه بكمية كبيرة من الأرز, فظهر المنسف أقرعاً, وقدمه حاراً جداً على عادة الصقر, وقال للشقيري: يا ضيف الرحمن, اعذرنا أثاري الغنم بالغور, لكن الشقيري, لم يصدق أن أمير الصقر، يقدم منسفاً بلا لحم. فقال: الغنم بالغور, وأنا أغور لها, فدس يده في قاع المنسف, متحملاً حرارته العالية, ليخرج اللحم. فابتهج أمير الصقر لحنكة الشقيري, وقال للصقر: هذا الرجل حرام يقتل، فرفعوا الخاوة عن التركمان .

وكتبه
علي بن فلاح الملاحي الصقري
مؤرخ عشائر عرب الصقر الطائية
إربد - الأردن

( حابس مشرف الصقور ) الموضوع : مقتبس من الملاحي